أقف وكلي كبرياء وثقة وسط رموز الطهارة والحب في بلدي الموجوع…
يا لطهرهم، يا لنقائهم وتواضعهم وصمتهم الهائل… طيبتهم تصهر بما فيها الجبال، وجمالهم بلا حدود أو نهاية.

إنهم من يصنعون لنا الحياة الكريمة بكل قوة، حياة خالية من المرض، حياة نظيفة من كل تلوث.
إنهم صُنّاع الجمال، إنهم بناة البلد، شركاء التنمية، ركائز التطوير والحضارة.

يُعالجون بأجسادهم الضعيفة أكوام الجهل من بين المنازل، ويَنسِفون بأذرعهم النبيلة تلال السوء من الفعل في عيون الناس، يجمعون بكل نهم بقايا التخلف من الأزقة والطرقات، ويَلتقطون مخلفات الحمقى بلا كلل أو ملل…

كل يوم، كل يوم، كل يوم، تتجدد الجهالة، ويستمر التجاهل، فينتشلون عن صدر الطريق كل الغباء والهبل، ويطاردون من تحت أقدام المارة كل الخطر أينما ذهب.

يجمعون القرف بكل شرف، والأوساخ بأيديهم الطاهرة، تُمزقها شظايا زجاجة عصير شربها أحمق ثم ألقاها في الطريق لتنكسر.

جروحهم كما قلوبهم ملتهبة…
في الصيف تضربهم الشمس بلا رحمة، وفي الشتاء يتجمدون من الصقيع، إبر تحمل في طياتها كل المرض، وبقايا أطعمة فاسدة، وزجاج، وأدوات حادة خطرة تكدّست في أكياس ممزقة، ودورهم حملها بعيداً عن الأهالي بلا وسائل حماية.

قد تؤذيهم رؤية الآخرين بملابسهم النظيفة، ونظراتهم المشفقة، وكلماتهم المؤذية، وسلوكهم المؤلم…
تجدهم يعملون في صمت، يجرّون عرباتهم مع أحصنتهم أو الحمير في سكوت، حاملين على ظهورها كل المخلفات، وعلى ظهورهم يحملون تعب السنين، وخوف المجهول، وضيق الحال…

ألسنا نطالب بحبهم واحترامهم كما يجب؟
إنهم أبناؤنا وإخواننا وأجمل من فينا…
فنحن بدونهم في جحيم…
لهم منا كل الحب والتقدير والاحترام…
وتسلم أيديهم العفيفة التي رفضت السرقة والنهب والسلب، وقبلت أن تجمع النفايات…

Comments are disabled.