عزيزي الحاكم، عزيزي المسؤول….   ليكن في معلومك انني لا اهتم مطلقا بطول لحيتك، او مدى اغمقاق ذاك الجزء الواقع في منتصف جبينك، وليس يشدني او يهزني ابدا كم ركعة صليت هذه الليلة، او كم جزءا من القرآن تحفظ، او كم يوما تصوم من السنة، فهذه امورك الخاصة الشخصية و التي لا تعنيني في شيء، ولا تهمني البتة، وليست تلفت انتباهي او اهتمامي مطلقا، هي علاقتك بمن تعبد، وليس لي اي شأن فيها، لا من قريب ولا من بعيد، لن تدخلني الجنة بصراخك على المنابر او بكائك في جوف الليل، ولن تدخلني النار ان كنت غارقا في المعاصي والمنكرات، ثم انك قد تدخل الجنة في هرة وقد تدخل النار في كلب، فالجنة والنار ليستا من شأني كما انهما ليستا من شأنك، حتى وان اوهمت نفسك ومن حولك بذلك، ولسنا نؤاخذ على اجتهاد الاخرين، فلا تزر وازرة وزر اخرى، “وكل شاه معلقة من عرقوبها”، هيك حكوا جدودنا….

ما يهمني يا هداك الله هو القانون والعدل، نعم القانون، الذي يضمن العدالة بين الناس، يعطي كل ذي حق حقه، وينصف الخلق أجمعين، ذاك القانون الخالي من العوار والزلل و المحسوبية والنفاق والكذب، ولا يحمي اللصوص والمرتزقة، حتى لو كانوا ابناء السطان، القانون المبني على الحقائق والادلة والبراهين، وليس الشعارات والاحلام والاوهام، قانون ثابت وصريح يمضي كحد السيف على الجميع، ذاك القانون الذي يضمن ويحمي كرامتي ومن حولي، امني ومن معي، قوتي واطفالي، حاضري ومستقبلي، القانون الذي ينتصر للضعفاء امام الجبابرة، ويخلع مظالم العباد من بين انياب الفجار، ذاك القانون المباشر والشامل، البائن المبين، الذي يعالج صغائر الامور وكبائرها، كيف لا وهو الترجمة العملية لما جاء في القرآن والسنة، اليسوا نواب الناس هم من سنوه وشرعوه، وقد تراكم وتطور عبر الزمن والتجارب، السنا نسعى لنعيش في دولة المؤسسات والقانون؟؟، ام اننا نفضل الغابة والبراري؟؟، والقوي ينهش عظام الفقراء بلا حساب ….

عشت في اوروبا بعضا من الزمن، لم اكن اعرف الحاكم، اكافرا كان ام مسلم، اشارب خمر كان ام داعر، ارجل كان ام إمرأة، لست اعرفه ولم يكن يلزمني ذلك، ولكني مارست هناك كل اشكال ومعان المواطنة، كنت مع الجميع كأسنان المشط، كانت توحدنا انسانيتنا، ادميتنا، كنت اصلي واصوم ومن حولي عشرات الديانات، كنا نضحك جميعا معا، ونتبادل كل الافكار بكل حب وآدمية، بعيدا عن الظلام الدامس الذي يعشعش في عقول الكثيرين، وقد خلقت لهم قيمة كاذبة، أولائك الذين تروقهم هذه التجارة الفاسدة القذرة، وهذا المجد الزائف صنعوه بين المنافقين والجهلة والبسطاء….

المطلوب من الحاكم اشاعة العدل و نشر الامان، الامن الشخصي والسياسي والغذائي والفكري والروحي والنفسي والاجتماعي والصحي والبيئي والخدماتي، وليس شكله وما يعتنق او كيف يتعبد،،، المطلوب منه الرعية وليس لباسه ولحيته، صيامه وقيامه، شعاراته و انتماءاته، اصله وفصله…..

اللهم قد بلغت، اللهم فإشهد.

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين….

الدكتور / أحمد هشام حلس….

Comments are disabled.