في تاريخ 6\6\2024 يوم الخميس قبل المغرب بشوي كنت قاعدة بخبز عالصاج وأحمد ابني كان بيساعدني بالخشب وجارتي رواء مقداد بترق باقي العجين والصغار بيلعبوا حوالينا وما في ولا أي شي، فجأة أجت الأباتشي صارت تقصف بشكل عنيف عالبيوت اللي بالعزبة في رفح قرب الحدود المصرية، أصابنا خوف ورعب مابعرف كيف مسكت كوم رمل وطفيت النار وأخذت باقي العجين ورميته عالأرض وبسرعة دخلت الخيمة أنا وولادي وجارتي وولادها وكلنا انبطحنا عالأرض وزوجي وصاحبه صاروا يحاولوا يهدوا فينا، بعدها بشوى سكتت الطيارة وبلش القصف من الطراد البحري بشكل عنيف جدآ ، طلب زوجي من صاحبه محمد قاعود انه نجتمع انا وزوجته وأولادنا بخيمتي وهما يضلوا برة يشوفوا الوضع، قعدوا عنا شوى وبعد ساعة قرروا يرجعوا ع خيمتهم اللي ما بتبعد عنا سوى اربع أمتار ، وللعلم تحسبا لأي دخول لليهود جوزي الله يرحمه زرع بالأرض عمود ارتفاعه تلاتة أمتار تقريبآ وعليه راية بيضا حتى يعرف الجميع انه احنا مدنيين، المهم أجا عبود ابن جارتي وحكالي “خالتو أم حسن بدي صاج نتعشا ” حكتلوا خذ ياحبيبي، أنا هان سألت أول واحد من ولادي أحمد شو بدك تاكل زعتر ولا جبنة قال زعتر مع جبنة ، الا محمد حبيب روحي بقولي لاااااا أنا يما بديش أكل بخاف تشتغل معدتي وأسير بدي افوت الحمام خلص الصبح بآكل، صار أحمد يقول وانا كمان خلص بديش بناكل سوا الصبح، ناموا الأولاد بخوفهم وجوعهم، طبعآ بهذه اللحظة ماكان في مجال حد يتحرك ولا يطلع، الساعة تقريبآ ١٠ المسا قصف من كل فج وميل، دبابات طيران طراد بحري ، جوزي بيراقب من باب الخيمة القصف كله عالبيوت ومسجد الرحمة اللي بالعزبة أو القرية السويدية متل مابيحكوا عنها، الأولاد بيتقلبوا من الخوف أنا برجف قلبي حيوقف صرت اتشاهد أنا وجوزي ويضل يقولي ما تخافي والله مايضرونا بأمر الله بس بدهم يقصفوا البيوت، الوضع بيزيد للأسوأ شباك الخيمة مفتوح شايفين كل شي واحنا ولا حركة ولا اضاءة ولاصوت لدرجة اللي بدو يقضي حاجته من الأولاد يفن في السلة، الساعة أربعة ونص تقريبآ شفنا الدبابات وضو أصفر قوي، بحكي لجوزي والله دبابات كتير، الا طلع الضو الأصفر جرافة كبيرة بعد ماقصفوا البيوت والناس فيها صاروا يجرفوهم، محمد واحمد صاحيين، وسوسو بحضني وابراهيم بحضن أبوه، أجا محمد عالجهة اللي انا متمددة فيها وأحمد لحقه، حكولي يما بدنا ننام عندك قولت لمحمد انت روح في ظهر أبوك وانت ياأحمد خليك في ظهري، سألت أحمد خايف ياعمري قال لأ، بس لما قرب مني ولصق فيا حسيت كأنه كهربا مسكتني من كتر ما كان يرجف حبيبي، ضلينا كلنا نايمين وجوهنا عالأرض، الصوت قوي جدآ انا خايفة مش متحملة ضغطي واصل للسما، قلبي بدو يوقف، جسمي مكسر وكله خوف ، صرت أحكيلهم وعد أول مايطلع النهار الا غير نترك المنطقة بما انهم وصلوا الها، الحدث الأليم عالساعة خمسة ونص الفجر قامت جارتي رواء عالحمام ومعها ابنها عبود عمره ١١ سنة وحاملة راية بيضا بايدها ، قضوا حاجتهم ورجعت ع خيمتها، مالحقت توصل الخيمة الا دبابتين سريعات جدآ جايين علينا وبيطخوا جااااامد، أول اشي سمعته رواء بتقول “محمد محمد ” كان هو أول واحد يستشهد، وصاروا اولادها ينادوا يابا يابا بعدها سكت صوتهم وزاد صوت الرصاص، زي زخ المطر، احنا تصاوبنا كلنا، الكل بيصرخ، أحمد آخخخ يمااا، أكرم آه ويتشاهد ويكبر ، أنا صرت اتوجع واتشاهد من شدة الألم لما دخلت رصاصة برجلي، بنتي سوسو ياقلبي عليها صارت تتوجع وخايفة تطلع صوتها، محمد ياعمري ماسمعت صوته نهائيآ كان أقرب واحد ع باب الخيمة، راسه مفتوح نصين، الآن كلنا متصاوبين، جوزي بينزف وقاعد بتشاهد، وأنا بطل من شباك الخيمة وانا نايمة ع بطني ومتصاوبة، الا دبابة دخلت ع خيمة جيرانا عائلة قاعود ودعستهم، مشيت عليهم، صرت اقول أكرم أكرم الدبابة جاية علينا، والله جاية علينا، راح جوزي وهو مصاب وبينزف رمى حاله فوق ولادي التلاتة ع اساس يحميهم ياروحي، أما أنا مابعرف كيف قومت وحملت سوسو من كتفها والجوال فاتح خط مع سلفي وحاولت اهرب من الباب الغربي للخيمة بس مالحقت اهرب، أجت الدبابة سريعة دعست جوزي وولادي وبعدها مشيت عليا، قسمآ بالله رفعت بنتي بإيدي الشمال لفوق ورفعتلهم ايدي اليمين وسرت اقولهم لااااااا لأ لأ عالفاضي، دعستني الدبابة وبنتي في حضني، بس هان كانت رحمة ربنا كبيرة انا غطست برمل ناعم جدآ وكثيف انا وبنتي دعست ع رجليا لآخر ظهري ولفت عني، أنا خلص شوفت الموت أكيد أنا في نزاع، صرت أتشاهد وأقول ان للموت سكرات، بطلع في بنتي كلها بالرمل مبين وجهها بس تمها أنفها عيونها كله رمل، لفيت وجهي عالخيمة اللي كلها واقعة فوقهم لمحت أحمد غرقان بدمه بس شفت ظهره، والله كان في نفس بس ماقدرت أعمل الو اشي ولا حتى أنادي عليه، عجنب الخيمة جوزي مع حلاة الروح بيتقلب ماشفت رجليه شفته كله بينزف وأيده مبتورة، الا هو بينادي عليا رجاء حبيبتي سامحيني ” مسامحاني؟” قولتله حبيبي يااكرم مسمحاك والله، أنا بطلع في بنتي عيونها بيقلبوا الا أنا بنادي بقول لجوزي أكرم سوسو بتنازع سوسو بتطلع بالروح يااأكرم، صار يحكيلها حبيبتي ياسوسو حبيبتي يابابا ، صرت احكي أكرم اليوم الجمعة الأول من ذي الحجة اليوم محمد وأحمد انولدوا صار يقول الحمدلله الحمد لله، فجأة ابراهيم بيطلع من بين اخواته بيرجف وبيبكي كله دم، سالته انت فيك اشي ياحبيبي ابراهيم فيك حاجة، قال لا خايف قولتله روح بسرعة ف حضن بابا، صار يقول لا بدي اجي عندك انتي وسوسو طبعآ انا بعيدة يمكن مترين تلات، بس أجا برهوم ورا ظهري وانا لسة بالرمل ومالحقت أتحرك الا صوت الدبابة بترج الأرض وراسي صار يرج من قربها صرت احكي لابني اعمل حالك ميت ياحبيبي اعمل حالك ميت، صار يبكي ويقول ليش بدها تدعسنا كمان مرة هي جاية علينا ؟! ! قولتله تخفش بس رد عليا ، طبعآ انا مغمضة عيوني وخايفة مش مسترجية افتح واشوف الدبابة كمان مرة وفعلا أجت سريعة وبعدها طلعت عالاسفلت ولفت، جوزي بيتشاهد وبنازع حبيبي وبقول الله أكبر الله أكبر….. الا ابني وهو متخبي ورايا بقول حي على الصلاة حي على الفلاح ، بفكر أبوه بأذن، مابعرف قديش المدة اللي قعدنا ننزف فيها!! فجأة الا في ست ماشية معها أولادها وحاملة راية بيضا، ناديت عليها وقولتلها أمانة تاخذي ابني فش فيه ولا اشي مش مصاب، قالت وين أخذه قولتلها بيعرف دار سيده في مواصي خانيونس اي حد ممكن يوصله الهم، وقولت لإبراهيم روح ياحبيبي روح مع خالتو واحكيلهم وين دار سيدك قاعدين،

راح يجري وهو بيبكي وحافي وغرقان بدم أبوه واخواته، الا جوزي ياحرام بقولي رجاء احكيلها تبعت النا إسعاف، صارت الست تقولي والله يختي ولا اسعاف ولا صحافة والدبابات ورانا، راحت الست وبعدت عني مايقارب عشرين متر ، لفيت وجهي ع جوزي ناديت عليه ما رد شكله وقتها استشهد مابعرف، أنا صرت أفقد في بنتي لقيت اصابتها في رجلها اليمين متفجرة، سألتها سوسو وين بدك تروحي ردي عليا؟

قالت ع خالتو هبة، انا هان قررت انقذ حالي وبنتي عشان خاطر ابني اللي ضل لحالو وبنتي اللي فكرت فيها، وقلت ممكن انا اضل انزف واستشهد وتضل بنتي عايشة يقوموا ياخذوها اليهود يعملوا فيها اشي، جمعت كل قوتي اللي ربنا أعطاني اياها وعملت حركت السجود ع ايديا ورجليا وقولت لسوسو يلا يا عمري اطلعي عضهري وحطي ايدك ع رقبتي اخنقيني عشان نروح ع خالتو، وفعلا حطيت بنتي ع ضهري وصرت ازحف وأنا بنزف ورجلي بينزل منها فتافيت لحم ودم وبتجرف رمل ووسخ من الارض، اتحملت عشان انقذ حالي وبنتي، فش ولا مخلوق في المنطقة الا اليهود، بعد ما زحفت مايقارب ٦٠٠ متر بلشت الأرض تقسى، وقربت أوصل الارض خشنة المليانة زلط، كان كل الزحف ع الرمل ، رميت حالي وسرت اصرخ بعالي الصوت ياااااااااااااااااااارب القوة من عندك يارب عشان خاطر ابراهيم وسوسو يارب، صوتي وصل سابع سما بس ما حد سمعني من الناس، تذكرت انو اليوم الجمعة بدأت أقرأ سورة الكهف، بنتي بدها مية ماما عطشانة قولتها وانا والله بدي مية، وصرت أحاول اطلع الرمل من تمها وعيونها ومنخورها، كل ما أتحرك القناص يطخ، اشي ع غرف الصيادين اللي ع شمالي، واشي جمبي في الرمل، واشي من فوق راسي، وهان تصاوبت بإيدي زي السم، الوجع الكبير انه كان الدبان يفوت في الجرح يموتني بزيادة، واكل الدبن وجه بنتي كمان، صرت احاول اغطي وجها باواعي الصلاة اللي انا لابساها، وانا احرك رجليا انو الدبان يطلع أبدآ متجمع عالدم، كان في طلق متفجر برجلي اليمين من تحت، استسلمت وصرت اطلع بالسما واتشاهد، سحبت بنتي لحضني أكتر، وكل ما أتحرك يطخوا علينا، رفعت راسي وصرت اصرخ: في حد هاااان حد سامعني، الا راجل متداري جنب حيطة بقولي مين ؟!!

قولتله ساعدني انا متصاوبة حكالي تعالي لتحت شوى مابقدر اوصلك، لانه فعليآ كان القناص والكواد كابتر معبيين المكان، قولتله بنتي معي مصابة والدبابة دعستنا مش قادرة، ورجعت نمت مابعرف فقدت الوعي وقتها ولا لأ، فجأة رحمات ربي وصلتني عن طريق ست طالعة هي وأولادها كاينة محتمية بالجدار تبع الحدود المصرية مع جوزها وولادها، ولانه معها جوازات مصرية طلعوها بس اعتقلوا جوزها، سرت انادي عليها أمانة تساعديني خذي بنتي عأقرب مستشفى اصابتها مش خطيرة كتير ، سار ابنها الصغير يعيط ويقولها لأ يما يلا امشي الدبابة ورانا، كانت حاملة اشي ع كتفها اظن حرام، قولتلها أمانة ارمي العفش والله كله بتعوض اعملي اشي مع الله خذيها أمانة خذيها، الحمدلله ربنا حنن قلبها وقالت والله لاخذها وهذه أمانة معي، الحمدلله بنتي مع الست بس برضوا انا لازم اعيش عشان ولادي فش الهم حد عالقيت، سرت أفكر وأقول بدي اعمل متل الأبطال بالافلام بكونوا مصابين وبينقذوا حالهم واللي معهم، وفجأة سمعت صوت رفعت راسي على بُعد ١٠٠ متر تقريبآ ابنها للست اللي أخذت بنتي عمره يمكن ١٥ سنة بنادي بصوت عالي بقولك الزلمة اللي بدو يساعدك انزلي ناحية البحر اله ساعة بستنا فيكي، رحمتك يارب أنا مش قادرة وريحة دم كتير والوجع دبحني، رفعت ايدي عن الأرض غرقانة دم ورجلي بتنزف، الآن الاشي الصعب جدا اني لازم أقطع الأسفلت، وطبعآ كله حجار وشظايا وسخن جدآ، وغير هيك مش قادرة ازحف بنفس الطريقة عالايد اليمين والشمال، فرحت نزلت البنطلون ع رجلي وغطيت الجرح ولقيت حبل ربطت رجلي

وسرت احاول ازحف ع رجل وايد الجهة الشمال، زحفت ع أوساخ ومية وحجار عذاااااب لحد ما قدرت اوصل حفة أول حيط من غرف الصيادين، الحيطة كانت بدها توقع لأنها مقصوفة، استجمعت قوتي حاولت أسند نفسي ماقدرت، بطلع فوق راسي شوفت كواد كابتر سرت أشاور الهم زي الهبلة يمكن يحنوا عليا عالفااااضي، كملت زحف لما صرت على عتبة بلاط، ووجهي عالبحر لقيت الطراد في وجهي ورب الكعبة صرت أشاور بدون وعي يمكن يسعفني، لكن مااعطوني اي اهتمام فش شوى الا اتنين شباب بيحكوا يختي حاولي قربي شوى عشان في قناص قولتلهم مش قادرة خالص، كانوا بعيد عني يمكن ٣٠ متر وقريب منهم قنية مية قولتلهم بدي أشرب شربووووني، اجوا الشباب بجانب الحيطان لحد ماوصلوني وحملوني لعند اخر غرفة قريب منطقة اسمها العلم، لقوا حرام حطوني عليه وساروا يسحبوا فيا عالأرض طبعآ كل وجع الدنيا معي الآن مش متحملة تحتي حجار وشوك والشمس في وجهي، ياااااالله قديش تعبت لحد مالقوا سيارة وبعدها اسعاف حطوني بالاسعاف، وانا بناجي ربي أعطوني اي اشي بديش احس بالوجع ظهري رجليا دعستني الدبابة امانة، المسعف تحملي شوى يختي والله مامعنا شي، رفعت راسي وفتحت عنيا أخويا محمد فوق راسي يمااا انت محمد اخويا انت محمد، اه يختي متخافيش طيب ابراهيم شفته قال اه الصليب وصلوا عنا وهو اللي حكالنا كل شي، طيب سوسو أمانة ماشفتها، والله يختي لقيت شب متصاوب رحت أسعفه لقيت بنتك بحضنه وفاقدة الوعي اخذتها عالمستشفى وهي الآن بالعمليات، الحمدلله الحمدلله يارب اخذوني عمستشفى الصليب الأحمر الميداني برفح بدهم يحملوني قولتلهم أمانة بشويش الدبابة دعستني، الدكاترة فكروني بهلوس، قولتلهم يشهد ربي عليا الدبابة دعستني انا وبنتي واستشهدوا زوجي واولادي، مابعرف بعدها كيف دخلوني عمليات وشو سار، بس صحيت ووعيت لقيت أهلي كلهم عندي وانا ع سرير وبنتي جنبي ع سرير تاني طيب أمانة جوزي وولادي وينهم حد جابهم ؟؟ !!!

٤٢ يوم ما حد بيعرف شو سار بالجثث لأنو الجيش رافض أي تنسيق ومانع حد يفوت هناك استشهد جوزي وولادي محمد وأحمد مهجة قلبي ونور عيني استشهدت جارتي رواء مقداد وزوجها محمد قاعود وابنها عبود وبنتها الملكة أيلول وابنهم اللي نولد بالحرب وسام عمره سبع شهور، قعدت بالمستشفى شهر مابقدر أحرك حالي عملت خمس عمليات كانت رجلي معرضة للبتر لكن رحمة الله فوق كل شي، إصابتي طلق متفجر برجلي اليمين وأربع كسور وتهشم بالعظم مع إصابة بأيدي اليمين، وبعض الشظايا ورضوض في ظهري وباقي جسمي مع تمزق بالاوتار، بنتي طلق متفجر بالرجل اليمين وكسر مع كسر تاني وخلع برجلها الشمال بالإضافة لرضوض وكدمات بظهرها….. والحمدلله على كل حال نفسي الاقي جثامين زوجي وولادي وندفنهم زي الناس، أمنيتي أشوف بنتي بتلعب وبتمشي زي زمان، وانا اقدر أقف ع رجليا، وربنا يحمي ابني ابراهيم ويعيني ع تربيتهم ياااارب. حسبي الله ونعم الوكيل على اللي حرمني من ولادي وجوزي…. رجاء حمدونة زوجة الشهيد أكرم حسن الهربيطي 19\7\2024

Comments are disabled.