يمكن الوقت مش مناسب والنفسيات مش مستعدة و(يادوب الواحد مدبر حاله)، لكن خدمة المجتمع والعمل التطوعي في الأزمات تشكل فرقًا كبيرًا على المستوى النفسي والشخصي والمهني لكل واحد فينا..
لذلك هذه دعوة لكسر حاجز الصدمة والاكتئاب واليأس والانطلاق نحو تضميد جراح الوطن وأهله. مَن لديه عمل فماذا عليه لو تطوع بعد وخلال عمله؟ ومن لا يعمل يتقدم للميدان ويعرض خدماته ويبدأ في العمل ولو بفكرة ذاتية صغيرة حسب اختصاصه كالتعليم ورعاية الجرحى وقضاء حوائج الناس ومساعدة الفئات الهشة كالأطفال غير المصحوبين وزوجات الشهداء وغيرهم.
هناك أسر كثيرة تنام على الطرقات لأنها نزحت بلا معيل.. بحاجة إلى من يدلهم على مراكز الإيواء أو يسعى لهم في مأوى ولو مجموعة أخشاب واقمشة أو نايلون!.. أطفال وسيدات لا طاقة لهم بهذا العمل.. مكلومون جائعون هاربون من مجازر ولم يحمِهم أو يقف معهم أحد ولو في النقل من أماكن النزوح إلى الأماكن الآمنة. هناك أطفال أقصى أمانيهم فقط علبة أندومي يبيعونها ويطعمون أسرَهم بمربحها الزهيد.. هناك شباب أطرافهم مقطوعة يريدون فقط من ينقلهم إلى مؤسسات ويربطهم بمسؤولين ويوصل أصواتهم.. هناك مرضى لا يعرفون انهم مرضى!! يموتون قبل أن يعرف الأطباء عنهم شيئًا.. هناك جوعى وهناك من يرغبون في إطعام الناس.. هؤلاء وهؤلاء بحاجة إلى من يصل بينهم وينقل صوت بعضهم إلى بعض.. العمل كثييير.. كثير جدًّا لكن من يلبي؟
سيلتف الناس حولك تلقائيًّا وستتشكل الفرَق ويتطور العمل وتنجذب إليك المؤسسات وسينشر فكرتَك الإعلام وستكون قدوة لغيرك وكرة ثلج متدحرجة تتضخم بفعل الوقت وتنشر الفكرة والقدوة في كل مكان.. ثم ستجد نفسك قائدًا لجهد عظيم يفتح لك أبواب خير وسعادة ونجاح على الصعيد الشخصي حتى.
نعم أنت نفسك بحاجة إلى مساعدة ولا تستطيع توفير قوت أطفالك.. لكن الجلوس في البيت أو الخيمة والاستسلام للموت النفسي لن يحل المشكلة.. انطلق وساهم وتطوَّع وستجد أبواب الرزق فُتحت بإذن الله.. ستنفع غيرك وتنفع أهلك وتطبب روحك وتصنع قصصًا زاخرة بالمجد والبطولة تحدّث بها أولادك وأحفادك حينما تنتهي هذه الكارثة.
لا تدري لعلك بخدمة الناس تتلقى هدية الله الكبرى في حياتك.. فرصة عمل.. منحة دراسية.. أو أي باب إلى المستقبل..
أبواب الخير كثيرة.. اطرق أبوابًا من أجل أبواب.. ستجد في كل مكان عائلات لا تستطيع الوصول إلى أبواب المؤسسات ولا طاقة لها بمزاحمة الناس في الطوابير ولا طريق لها إلى أبسط مقومات الحياة.. يبسطون أيديهم في الليل والنهار إلى الله فلماذا لا تكون أنت رسول الله إليهم يستخدمك في خدمة عباده؟
هذه الأزمة فرصة لخير كثير.. وبوابة عظيمة ونادرة إلى الجنة.. من لم يغتنمها في ملء بقجته بالحسنات وقصص الخير فهو كمن يمر على ألف واحة في صحراء ثم يموت عطشًا وقِربته الفارغة على ظهره!
هذا ما كتبه الصديق الحبيب محمد العكشية وانا اتفق معه بشكل مطلق… والله المستعان…