اهلي الاحباب…. في ظل هذا الواقع الكارثي الذي نعيشه والذي تجاوز بما فيه من قهر حدود المنطق او حتى الخيال, ووسط كل ما حل بنا في غزة من مآس وأوجاع, وما تكبدناه من خسائر هائلة, وما اصابنا في قلوبنا من حزن وقهر غائر, نحن يا اصدقائي الاحباب امام خيارين لا ثالث لهما, أولهما أن نسلم بالقدر خيره وشره, مؤمنين بالله العزيز القهار, ايمانا نسكنه قلوبنا كعلاج لا بد منه, وان نحافظ به على ما تبقى منا, من صحتنا وعافيتنا, من طاقتنا على البقاء احياء باقل تشوه ممكن, من اولادنا واهلينا ومن نحب دون فقدهم, من ديننا ومعتقداتنا ويقيننا بالله جل في علاه دون ان نكفر, وان نبحث وبكل تركيز واجتهاد في البدائل والحلول التخفيفية, التعكيزية, الترقيعية, بما هو متاح وممكن على شحه وقلته, كمحاولة اخيرة ووحيدة امامنا لتقليل الخسائر قدر الامكان, وخفض مستوى الضرر الى الحد الادنى, وهذا الامر متروك لك يا صديقي الحبيب, وحدك حر في اختياراتك دون غيرك, فلن يسأل عنك احد سواك, كما علمتنا التجارب, سيراقبوك وان تذوب وتختفي, شامتين ان كانوا لك من الكارهين, ومقهورين باكين عليك وعاجزين امام انهيارك ان كانوا لك من المحبين, ولا اراك تقبل بالوضعين, حزن الحبيب او شماتت اللئيم, انه قرارك بمفردك, ونتائجه لك وعليك وحدك, بحلوه ومره, وجميله وبشعه, تلملم من خلاله ما تبقى من اجزائك, تجمع من حولك باقي اسرتك, وما تناثر من شظاياك بفعل الحرب, لتمر بمن يتعلق حول عنقك الى ضفاف الحياة…. او ان تذهب يا صديقي الى الخيار الثاني, فما ابشعه,,,, الذي اراه دون فائدة مطلقا, انه الخروج عن ما سبق ذكره, القفز على ما قلته عاليه, ان تفتك بك, وبمن حولك, ان تشتعل من داخلك, ان تطلق العنان لقلبك الضعيف وعقلك المثقل بالغيظ لذبحك على مدار الوقت, ان تفرغ ما يسكنك من ألم او سخط في من حولك من المساكين, ابنتك البريئة خائفة هي الاخرى من القصف, زوجتك المسكينة قلقة هي الاخرى من الموت, ابنك الاخر يرجف هو الاخر من صوت الانفجارات, وامك الطاعنة في السن لم ترى ما تراه اليوم من قبل, يعصرها الحزن والجزع هي الاخرى, وجيرانك والمحيطين بك كلهم كذلك, حتى ان لما ترهم كذلك, كل من حولك سواء, وليسوا بأفضل حال منك, وقد تجدهم في امس الحاجة اليك, لتعطيهم بعض السلام, فلا تسمح للهزيمة ان تأتيك منك, انه الموت من الداخل,, فتسخط وتضرب وتلعن وتكفر وتقهر, لتزيد الطين بلة, وتفاقم الحرب بحروب اخرى, معركة هنا وعراك هناك, وخصام هنا وفراق هناك, ومطاردات وملاحقات, وهمز ولمز ومناحرة ومجاكرة, وصراخ وسباب, وكسر للخواطر المكسورة, وقهر للنفوس المقهورين, وذبح للقلوب المذبوحين, ومزيد من الهدم والخراب, وهلم جرا, حينها يا صديقي الطيب ستجد الامور اصبحك اكثر سوءا وتعقيدا حد الجحيم…. ولا اراك مطلقا تريد الخيار الثاني….
اللهم انا ضعفاء فانصرنا, وليس لنا حول الا بك فأعنا, واغفر لنا وارحمنا وكن معنا ولا تكن علينا, اللهم الهمنا بعلمك وبصيرتك جادة الخير والصواب…
وحسبنا الله ونعم الوكيل….